إن نكران الجميل من الأخلاقيات غير المرغوبة،
وتتأذى منها النفس البشرية السوية، وقد تعلمنا
أن الجميل يرد بالجميل والت*ية بأ*سن منها
لا كما قال الشاعر قديماً يصف نكران الجميل لدى ابنه :
أعلمه الرماية كل يــوم فلما اشتد ساعده رماني
وكم علمته نظم القوافي فلما قال قافيـة هجـانـي
ي*كى أن تاجرا عرفه الناس بقسوة القلب.
وكان هذا التاجر
يشتري عبداً كل عام
ليعمل عنده سنة كاملة
فقط، ثم يتخلص منه. لكن ليس بتسري*ه وإطلاق العنان له
ليب*ث عن عمل آخر أو سيد آخر،
بل كان يرميه لكلاب عنده،
يكون قد منع عنهم الطعام أياما معدودات،
فتكون النهاية بالطبع لذاك العبد مؤلمة.
كان هذا التاجر
يعتقد أن التخلص من خدمه بتلك الطريقة
إنما هو طريقة للتخلص من مصدر ربما يكون قد عرف
الكثير من أموره وأسراره، فإن الخدم
في البيوت يطلعون على أمور كثيرة وأسرار عدَّة.
قام التاجر كعادته السنوية بشراء عبد جديد،
وقد عرف هذا الجديد بشيء من الذكاء.
ومرت عليه الأيام في خدمة سيده *تى دنا
وقت التعذيب السنوي.. جمع التاجر أص*ابه
للاستمتاع بمشهد الكلاب وهي تنهش في ل*م العبد المسكين.
وكان كعادته قد توقف عن إطعام الكلاب
عدة أيام *تى تكون شرسة للغاية. .
لكن هاله ما رأى.
ما إن دخلت الكلاب على العبد، *تى بدأت تدور
*وله وتلعق عنقه في هدوء ووداعة لفترة
من الزمن ثم نامت عنده! ا*تار التاجر لمنظر
كلابه الشرسة قد ت*ولت إلى *يوانات وديعة
رغم جوعها، فسأل العبد عن السر ،
فقال له: يا سيدي لقد خدمتك سنة كاملة
فألقيتني للكلاب الجائعة، فيما أنا خدمت
هذه الكلاب شهرين فقط، فكان منها ما رأيت!!
لو ب*ثت في ذاكرتك قليلاً لوجدت أن ما ي*دث
مع كثيرين وللأسف ، لا يرتقي لموقف تلك الكلاب الجائعة.
إذ على الرغم من شراستها بسبب التجويع، إلا أنها
لم تنس أن العبد كان ر*يماً بها فترة من الزمن ،
وقدم من الجميل وصنائع المعروف لها الشيء الكثير ،
فا*تفظت بذلك في الذاكرة، *تى إذا ما جاء
وقت رد الجميل، كان واقعاً ومتجسداً عجيباً ومضرباً للمثل.