جهاز الرعب و الخيانة

عرفت الجاسوسية وظهر المخابرات منذ فجر التاريخ وقد لعبت أدوارآ في غاية الاهمية لحسم الكثير من المعارك , و غيرت موازين القوى في صالح الحكومات ذات المخابرات الأقوى , و الجاسوسية الأكثر حنكة و دراية .

ومع التقدم و التطور و زيادة الصراعات أصبحت الجاسوسية علمآ وفنآ و تقنية , لايقل عن أي مجال آخر من مجالات العلوم و الفنون و التقنيات إن لم يكن أخطرها جميعآ :

وإذا كانت أجهزت المخابرات و الجاسوسية في الدول العظمى تحظى باهتمام كبير فإن جهاز المخابرات الروسية ( kGB ) قد نال القسط الأكبر من هذه الأهتمامات نتيجة الأدوار التي لعبها في تغير مواضع كثيرة من الخريطة السياسية العالمية , كما و إن جهاز المخابرات السوفيتية ( kGB ) يعتبر اخطر جهاز استخباراتي في العالم , حيث حقق ما أراده السوفيت بينما فشلت المخابرات الأمريكية حتى في حرق لحية كاسترو .

لقد استطاع هذ الجهاز أن يغرس جواسيسه في كل موقع وفي كل معمل و في كل منطقة مهمة و حساسة من مناطق الخصوم , وأن يجني من وراء ذلك ثمارآ تدميرية ضخمة , وأن يسرق خبرات علماء الدول المنافسة و تقنياتها العسكرية و المدنية , حتى أصبح يمثل رعبآ و فزعآ لجميع دول العالم .

كما ان اسلحة و اجهزة و معدات العمل الجاسوسي و الاستخباراتي ليست أسلحة أو أجهزة عادية مألوفة , و إنما هي نوعيات خاصة متوافقة تماما مع صفتي السرية و الخصوصية اللتين تميزان هذا المجال .

فأن من اغرب هذه الاسلحة التي تستخدمها اجهزة الاستخبارات هي ( الطلقات المسمومة ) فقد برع جهاز الاستخبارات السوفيتية في ابتكار وسائل و معدات للقتل دقيقة وسريعة غير و اضحة يصعب اكتشافها .

وسوف نتعرف على هذه الطلقات من خلال عملية اغتيال الجاسوس البلغاري ( جيورجي ماركوف ) الجنسية الذي كان يعمل مع المخابرات السوفيتية .

ماركوف هو مواطن بلغاري هاجر إلى بريطانيا , وكان يعمل في محطة الإذاعة الأوروبية . وفي سنة 1978 م كان يسيربالقرب من مقر الإذاعة البريطانية ( BBC ) في لندن وفجأة شعر ماركوف بألم شديد في ساقه . وعندما استدار في استغراب لاستطلاع الأمر لمح شخصآ أجنبيآ جرى في اتجاه قريب منه .

في مساء نفس اليوم , أصيب ماركوف بحمى شديدة , وفي اليوم التالي انتقل ألى المستشفى , وبعد ثلاثة أيام فارق الحياة .

و عندما فحص جسم ماركوف بعد وفاته بمعرفة الاطباء للتوصل إلى سبب الوفاة الغريب و المفاجىء لم يتوصلوا لأي شيء سوى وجود ثقب ضئيل بفخذه لا يزيد قطره على 2 ميلليمتر . ولكن عندما قاموا بفحص ماوراء هذا الثقب بأجهزة مكبرة وجدوا تحت الجلد قطعة دائرية معدنية صغيرة مصنوعة من البلاتين و الراديوم , و كانت شبيهة بجزء من الأجزاء الدقيقة المستخدمة في صناعة الطائرات و كانت هذه القطعة مزودة بأربعة ثقوب ضئيلة جدآ . وكان رأي الأطباء و العلماء في هذه القطعة الصغيرة الغريبة أنه لايمكن صناعتها إلا بأفران ذات حرارة مرتفعة جدآ و بأداة خاصة للثقب . وكان رأي الأطباء , أن سبب وفاة ماركوف هو دخول تلك القطعة إلى جسمه حيث كانت محملة بسم فتاك , و عندما و صل ذلك السم إلى تيار الدم أدى إلى الوفاة .

ولا أحد يدري على وجه التحديد لماذا قتل ماركوف ؟ ولكن صار اعتقاد في ذلك الوقت بأن المخابرات السوفيتية هي التي دبرت لقتله بتلك الطريقة بسبب وجود شكوك في إفشائه لبعض المعلومات الحربية السوفيتية .